شهادات » شهادات في محضر التاريخ

شهادات في محضر التاريخ...

يوم يقرأ أحفادنا التاريخ سيدركون حتماً أن كل ما جرى كان من الألطاف الإلهية... وقد لا يدرك الكثير منا ذلك اليوم، إما لأننا ما نزال في قلب الحدث فيصعب علينا تقديره، تماماً كما يصعب على السمكة إدراك مياه المحيط، أو لأن معظمنا – وهذه هي الحقيقة – لم يعرف ماذا جرى على وجه الدقة. كان ذلك مطلع القرن الماضي، حيث بدأت مدرسة إسلامية جديدة، عنوانها النهضة الاجتماعية، من خلال مشروع سياسي عبادي، تشق طريقها نحو الحياة.. منذ أن نهض جمال الدين الإسلام أبادي وتلاميذه، حتى انطلاقة الإمام الخميني مروراً بآية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) والإمام موسى الصدر (أعاده الله بخير)، وصولاً إلى روّاد المقاومة الإسلامية في لبنان، سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي، وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب (رضوان الله عليهما)... إنها مدرسة جهادية متميزة، بالرؤية، والموقف، والقرار، والعزيمة، وأبعد من ذلك كلّه الإخلاص والأمانة والمصداقية، والتي أثمرت أنوار هداية في قلوب الشباب المؤمن، ونسخت بضيائها كل ما حاولت الثقافات العلمانية إيقاده من أفكار غريبة عن مجتمعنا.. وجاء العام 1982م، وكان الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وكانت انطلاقة المقاومة الإسلامية، وما تزال مدرسة سوف يتربّى على دروسها أجيال وأجيال حتى يأتي الله بأمره. الشيخ راغب حرب سابق الجنوب اللبناني، والسيد عباس الموسوي سابق البقاع، وُلدا في العام نفسه، ونهلا معاً من حوض ولاية الفقيه، من حاضرة العلوم الدينية النجف الأشرف، وقاوما معاً التخلّف والجهل، ومن ثم الاحتلال، واستشهدا معاً في ذات اليوم، السادس عشر من شباط، وتركا لنا تراثاً خصباً من العلم والعمل... لن نتحدث عن تفاصيل أعمالهما، ويوميات جهادهما، فربما لا يستوفي المداد ذلك، ولكن، لنستمع إلى شهادات معاصريهم علّها تكون أبلغ في التعبير، فتفي لرجال أراد الله حيث أرادوا، فخطوا لنا طريقاً مهيعاً إلى النصر، بعض حقهم...

شهادات من معاصرين سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي (رضوان الله عليه)

البداية المبكرة: يقول والد السيد عباس، السيد علي حسن الموسوي: عندما بلغ الخامسة عشر أخبرني بأنه سيذهب إلى حركة فتح للاشتراك في مقاومة إسرائيل، فقلت له: يا ولدي، الله يرضى عنّك، عليك أن تتابع دروسك، فقال لي: أريد أن أقاتل إسرائيل... وذات يوم ذهب إلى المدرسة ولم يعد إلى البيت، ثم عرفنا أنه ذهب إلى مخيم الهامة قرب الشام. الأمين والأمانة: يتابع السيد علي: ذات مرّة، جاء الإمام موسى الصدر (أعاده الله بخير) لزيارة ابن عمي في منطقة الشياح، فأخبرته عن رغبة السيد بالدراسة، فطلب مني أن ألحقه بالمعهد في صور. درس سنتين، وبعدها، ألبسه السيد موسى الصدر العمامة وبعثه إلى النجف ليدرس عند السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه). الجندي الأول: يقول الشيخ علي رضا إيماني: قبل مجيء الحرس الثوري عام 1982م – على إثر الاجتياح الإسرائيلي – بدأنا بتسجيل أسماء المتطوعين، وكان السيد عباس من جملة الذين سجلوا أسماءهم، وهو حينها إمام جمعة بعلبك، فقلت له: في هذه الدورات العسكرية يوجد دروس عسكرية ودروس ثقافية، ونحن نطلب منك أن تقبل تدريس الأخلاق، فقال: لا... أنا في هذه الدورة تلميذ شباب الحرس!!!. مجاهد لا يكل: يقول الشيخ أختري: لم يكن السيد عباس ليهدأ، يكون في دمشق، فيذهب إلى الجنوب، ويعود إلى البقاع، ويذهب إلى طرابلس، ثم يعود إلى بعلبك ليقيم صلاة الجمعة... تقريباً، كنا معاً لفترة خمس سنوات ونصف، وقد عرفته خلال هذه الفترة، رجلاً، عالِماً، ورعاً، زاهداً، مجاهداً، شجاعاً، هادياً، مخلصاً في هدايته، ومبلّغاً صادقاً في رسالته، وجدته مطمئناً فوق الاطمئنان... كذلك كان له اهتمام بالغ في تربية المبلّغين، والمبلّغات، وقد أسس حوزة علمية نسائية، وكانت الشهيدة أم ياسر رفيقة دربه، ولها دور أساسي في تأسيس حوزة الزهراء . أما بالنسبة لموضوع الوحدة الإسلامية، نستطيع أن نقول أن سماحة السيد عباس كان من المؤسسين لفكرة تجمّع العلماء المسلمين في لبنان. حريص على وحدة الكلمة: يقول الشيخ ماهر حمود: في الحقيقة، إن العلاقة الأوثق بيني وبين السيد عباس كانت من خلال المبادرة لوقف حرب المخيمات بين أمل والفلسطينيين، في تلك المرحلة برزت أمامي المواهب المذهلة والمواقف الجريئة والشجاعة للسيد، وذلك حين رافق الشيخ محرم العارفي إلى مخيم المعشوق قرب صور.

يقول الشيخ نعيم قاسم: أذكر عندما حصلت مشكلة المخيمات وكان الدخول إلى المخيمات خطيراً، وكان الناس هناك بحاجة للمؤن. يومها تصدّى السيد عباس، وذهب غير مبالٍ بالأخطار. رفيق المجاهدين: يتابع الشيخ نعيم: عندما كان السيد عباس يذهب إلى مواقع المجاهدين، كان يحرص على الصلاة معهم، ويشاركهم الطعام، ويلبس لباسهم، ولا يتميز عنهم... كان يتواضع كثيراً ويعبّر لهم عن أهمية ما يقدّمونه، ولذلك أحبه المجاهدون.

يقول أحد المجاهدين: على المستوى الشخصي، بمجرّد رؤيتي لتصرّفات السيد كنت أعود بذاكرتي إلى شخصية أمير المؤمنين ، فكان ذلك القائد الحازم العارف بأمور القيادة وأمور الرعيّة، المتواضع، الحنون.... يقول شيخ الأسرى المحررين الشيخ عبد الكريم عبيد، وقد رافق الشهيد في بدايات العمل: كان للسيد (رضوان الله عليه)، علاقة مميزة مع الشباب المجاهدين، فهو أب لهؤلاء المجاهدين أو أخ كبير، يسعى إلى تلبية احتياجاتهم، وحل مشاكلهم... مرّة حصل على بعض الأموال فجاء إلينا، وعندما سألناه لمن هذه الأموال قال: إن أصحابها معروفون، إنهم الأخوان الذين يذهبوا إلى المحاور.

كل وقته للناس: يقول السيد سلمان الموسوي: كلنا يعرف كلماته الأخيرة عندما قال: سنخدمكم بأشفار عيوننا، السيد عباس لم يعش ولا لحظة لنفسه، كان كل وقته يعطيه لخدمة الناس، وكانت لديه حالة خاصة مع الشهداء، وعوائل الشهداء، كان يقف بإجلال واحترام أمام عائلة الشهيد.... مناضل من أجل الحرية: يقول الأخ خالد عبد المجيد: أنا من الناس الذين يعتبرون أن في التاريخ، تمر حالات فريدة... على صعيد الساحة اللبنانية، وعلى صعيد المقاومة، بالرغم من الفترة القصيرة التي قضاها السيد عباس، فقد كانت حياته حافلة بالأحداث، كان يشكّل حالة فريدة في داخل الحزب أولاً، وفي داخل الساحة اللبنانية ثانياً، وعلى صعيد الأمة الإسلامية ثالثاً. ويتابع السيد سلمان الموسوي: ... عندما زار السيد باكستان وأراد أن يتوجه إلى أفغانستان، ليسلّم على المجاهدين، قمنا بمعارضته، لكنه كان مصرّاً على الذهاب إلى كابول.. دخلنا إلى الأراضي الأفغانية، وكان المطر يهطل بغزارة، وصار الطريق كالسيل، وصلت السيارة إلى منطقة لم تعد قادرة على الاستمرار. عندها قال السيد: هذه تربة مقدّسة لأنها مجبولة بدماء الشهداء، فلنصل فيها ما دمنا غير قادرين على الوصول إلى كابول. في اليوم التالي أقامت التنظيمات الأفغانية السنيَّة مؤتمراً في منطقة بيشاور الباكستانية على شرف السيد بحضور الفصائل الشيعية، وكان عنوان المؤتمر الصلاة التي صلاّها السيد عباس على الأراضي الأفغانية....

التوكل على الله: يقول السيد خليل الموسوي: لا أعرف شيئاً من تصرّفات السيد عباس بعيداً عن التوكّل على الله عزّ وجلّ، لقد علّمنا ذلك مهما كان الأمر صعباً وخطراً، وكان يقول لنا: توكلّوا على الله وكل شيء يحل بسهولة.

يقول الشيخ عبد الكريم عبيد: في الأمور الصعبة، كنا نلجأ إلى الدعاء والبكاء، وكان السيد (رضوان الله عليه) يدخل إلى غرفة، يصلّي ويتوسل ويدعو... ثم يقوم بأي شيء يقدر عليه. الرحلة الأخيرة: يقول الشيخ عبد الكريم عبيد: لقد أحسست باستشهاده قبل أن أعرف اليوم الذي استشهد فيه، كنت في المعتقل سنة 1992م، ورأيت في منامي الشيخ راغب (رضوان الله عليه)، فقال لي: ستذهب معي، قلت له: لا... ثم التفت إلى السيد عباس (رضوان الله عليه) وقال له: تعال أنتَ معي، قال له: أنا قال: نعم، فلبس السيد عباس (رضوان الله عليه) وقال للشيخ راغب: نعم، أذهب معك.

شهادات من معاصري شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب (رضوان الله عليه)

كما السيد عباس (رضوان الله عليه)، كثيرة هي الشهادات التي تبرز فرادة الشخصية الجهادية للشيخ راغب (رضوان الله عليه) تلك الشخصية العاملية التي تذكرك بالرواد الأوائل، الشهيد الأول، الشهيد الثاني والشيخ البهائي، وعشرات الذين رسموا بسلوكهم العلوي الخطوط المشرقة للإسلام المحمدي الأصيل. طفولة راشدة: منذ أن تفتحت عيناه على الحياة، دأب على تحمّل المسؤولية، كان يعين أهله في أعمالهم دون أن يشغله ذلك عن النظر في أحوال مجتمعه، يقول الحاج عماد محمد علي عواضة: أظهر الشيخ راغب (رضوان الله عليه) انفتاحه المبكّر على القضية الفلسطينية، من خلال المشاركة في التجمّعات الشبابيّة، واندفاعهم نحو العمل الفدائي... وكانت لديه موهبة تنظيمية، ففي تلك الأيام تشكلّت في جبشيت مجموعة شبابيّة، وكان الشيخ راغب من ضمنها وله دور أساسي فيها، وكانت تلتقي على هموم وقضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين والقدس المحتلة. وكما السيد عباس (رضوان الله عليه) شاءت الأقدار أن تسلك بهما ذات الطريق، فتهيّأت له الظروف ليذهب إلى النجف الأشرف، وهناك التقى بالمرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر، وعاش معه، وكان وكيلاً له....

الخطيب المفوّه:

بعد عودته من النجف، أول خطبة أتيح له أن يلقيها كانت في بلدة المروانية، وكان الإمام موسى الصدر، والمرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين حاضرين، وكانا معجبين جداً بتلك الخطبة يومها، وكان إعجابهم بأسلوب الشيخ راغب، ومضمون نصّه، والفكر الذي أدّاه... ولدى عودته إلى جبشيت، كان أول عمل قام به، هو تأسيس صلاة الجمعة في جبشيت، فكان يصلّي سائر الأيام في الشرقية ويصلّي الجمعة في جبشيت. ويتابع الحاج عماد: ما أريد أن أقوله، أننا فهمنا الثورة الإسلامية في إيران، وفهمنا شخصية الإمام الخميني بشكل جيّد من خلال خطبة الجمعة في جبشيت.

الإسلام هو الحل:

مبكراً أدرك أن الإسلام بآدابه ومنظومته الفكريّة، ووسائله العملية هو الحل لكل مشاكل مجتمعنا... وفي هذا المجال يتابع الحاج عماد: كان الشهيد الشيخ راغب حرب منذ أوائل السبعينات، وحتى قيام الثورة الإسلامية المباركة، يردد دائماً عبارته المشهورة: لا غد أفضل إلاّ بالإسلام، وكنا ننظر ونتساءل كيف يكون ذلك حتى هذه العبارة فإنها كانت عنده مرتبطة ببعدها ومراميها بحركة الإمام الحجّة المنتظر( عج) وأن ذلك ليس من المستحيل على الله، وكان الشيخ يركّز دائماً في خطبه: أن الله سوف يهيئ لهذه الأمة أمرها. وكأنه كان على موعد مع الفتح... وعندما لاحت تباشيره بنهضة الإمام الخميني كان من أوائل الملتحقين بالقافلة، وكان يقول: القافلة انطلقت ولا مجال لانتظار المتخلّفين عنها.... يقول الحاج عماد: عندما هبّت رياح الثورة الإسلامية في إيران، لم يتمكّن الشيخ راغب من كبح جماح حماسته التي اشتعلت في قلبه، كان يطير عن الأرض... وكان يستأجر (البوسطات) ليرسل الناس إلى بيروت ليشاركوا في المسيرات المؤيّدة للثورة الإسلامية في إيران، وذلك كان قبل عودة الإمام الخميني إلى طهران. عاش بينهم: كان الشيخ راغب يعيش مع الناس كواحد منهم، بل من أكثرهم اهتماماً بمشاكلهم... يقول الحاج عماد: حتى الآن لا يزال الذين عاشوا معه يقولون: الشيخ راغب مشى من هنا، وجلس هنا، ووقف هناك، وهنا تكلّم، وهنا تناول طعاماً... كان حين ينزل إلى الحقل مع الفلاّحين فلاّحاً مثلهم، وما كان أروعه وهو بينهم، يتكلّم بلغتهم، لغة الزيتون والتين، كان يعرف أن فلاناً ماتت عنده الغنمة، أو ولدت عنده البقرة، كان يعيش هموم الناس كأنه واحد منهم. ويتابع الحاج عماد: لم يكتفِ الشيخ راغب بإعلان الموقف السياسي أو الأخلاقي أو العبادي من على المنبر، وإنما كان يندفع للتواصل مع الناس فيزورهم في بيوتهم، ويكثف حركته باتجاههم، حتى يلمس عن قرب تفاعلهم مع توجيهاته. خلق الأنبياء: كان يتحلّى بأخلاق الأنبياء، وقداسة العلماء، كان يرأف بالناس، يتابع الحاج عماد: حين كان يصعد إلى المنبر، لم يكن ليقوم بجلد الناس بكلامه، ويقرعهم ويؤنبهم... إنما كان يخاطبهم قائلاً: أنتم يا كرام خلق الله، كان يعزز الكرامة والعزّة فيهم فيقول لهم: أيها الطيبون، أيها المجاهدون، أيها المؤمنون... وهكذا كان يعطي الناس شحنات من مكارم الأخلاق حتى ربّى فيهم العزّة والإرادة والقوة والصلابة. أول المجاهدين: ربما نحتاج إلى مجلدات لذكر تفاصيل حركة الشيخ راغب الجهادية منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي وحتى استشهاده... ويكفي أن نلمس ثمرات تلك الخطوات المباركة، التي كانت الخطوات الأولى في طريق المقاومة. يقول الحاج عماد: يوم حصل الاجتياح الإسرائيلي، لم يكن الشهيد راغب في لبنان، وإنما كان في طهران، من ضمن وفد كبير للمشاركة بإحياء يوم المستضعفين، يوم ولادة الإمام الحجّة(عج)، ولم يتحمّل الشيخ راغب أن يكون بعيداً، فأقفل راجعاً بعد أسبوع عن طريق مطار دمشق، واضطر أن يتجاوز مسافات طويلة سيراً على الأقدام، نظراً لانعدام المواصلات بين المناطق، بسبب المعارك التي كانت تدور على مختلف الأراضي اللبنانية... كان يقول لنا، أنه كان يشيح بوجهه عند الحواجز التي أقاموها على الطرقات وأنه أصلاً لا يتصوّر وجودهم على هذه

الأرض ومنذ اللحظة الأولى التي وصل فيها إلى جبشيت، دعا كالعادة لإحياء ليلة الجمعة بدعاء كميل، وحضر يومها حوالي الثلاثين شخصاً، وجلسوا على الحصير، ثم دعا إلى صلاة الجمعة في اليوم التالي، وفيها أعلن مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وأن التعامل مع إسرائيل حرام، وهكذا منذ البداية أعلن المواقف الكبيرة....

حتمية النصر: كان يرى حتمية النصر... وكثير من كلامه يشير إلى ذلك، يقول الحاج عماد: ... وأقسم بالله العظيم أنه قال لي في العاشر من المحرّم عام 1983م، وكنت معه في الغرفة الخشبية في المبرّة: (إذا حمي باطنا سنمد إيدنا لجوا) ويقصد داخل فلسطين المحتلة... كان ينظر إلى الأمام... إلى المستقبل، وكان يرسم الأفق.... الأيام الأخيرة: يقول الحاج عماد: في السادس عشر من آذار 1983م، اعتقل الشيخ راغب بعد ملاحقات عديدة، وبعد مواقف وخطب مشهودة... اعتقد العدو الغاصب أنه صنع نصراً، لكنه فوجئ أن المنطقة كلّها انقلبت على رأسه، وقد كتب يومها طلال سلمان في جريدة السفير: الاعتصام اليتيم: جبشيت تسكنكم، وتقتحم عليكم غرف نومكم. ظن العدو أنه باغتيال الشيخ راغب سيستقيم له الأمر فأقدم على القتل... وشيّع الشيخ راغب رغم الظروف الأمنية ما يزيد عن خمسين ألفاً... ولكن المقاومة تضاعفت بعد شهادته... حتى أنه لم يعد يحتمل الضربات بعد استشهاد الشيخ راغب (رضوان الله عليه) فأقام ما عرف بالقبضة الحديدية...

كان مختار جبشيت، الحاج كامل محمد علي فحص، يمر على معبر باتر جزّين، بعد حصول عملية عند جبّانة جبشيت، فقال له الضابط الإسرائيلي: الشيخ راغب بيطلع من قبروا ويطلق النار علينا!!!.

شهادات من محضر التاريخ حتى نعرف حجم النصر الإلهي الذي منّ الله سبحانه به على أمتنا المجاهدة، وحقيقة المدد الإلهي والتأييد الذي أتحف به عباده المؤمنين، علينا أن نقرأ بإمعان تفاصيل خطوات، ومضامين كلمات قادة مسيرة المقاومة الإسلامية، سيد شهداء المقاومة الإسلامية، وشيخ شهدائها (رضوان الله عليهما).

مقتطفات من كلمات سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي (رضوان الله عليه) قوتنا بالشهداء: كيف تفسرون قدرة المقاومة الإسلامية على إلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي وماذا تملك المقاومة الإسلامية... إن قوتنا هي بالشهداء... إنك تشعر بإمكاناتك الحقيقية من خلال هذه الدماء الطاهرة، خصوصاً عندما تجد أن هناك رجلاً لا يهاب الموت، يعرف أنه بعد لحظات سيتناثر لحمه وعظمه ذراتٍ في السماء، ومع ذلك يتقدّم إلى المعركة برباطة جأش وشجاعة تقتبس نهجها عن أبي عبد الله الحسين . التوجه إلى الله بإخلاص: لقد تعهّد الله عزّ وجلّ أن يحول الشعور بالضعف إلى شعور بالقوة، المهم أيها الإنسان المؤمن أن تحمل في قلبك الإيمان، وأن تعاهد الله على حبك له، فإذا حفظت هذه العلاقة معه، فهو الذي يتعهدك بالحفظ... توجه إلى عبادة ربك بإخلاص، بحيث يكون إصرارك وعنادك حقيقياً من أجل الإسلام والمسلمين، وفّر هذا المقدار واترك الباقي على الله فهو يراك في موقع ضعفك ويتعهدك بالحماية. وعي المسؤولية: عندما تكبر المسؤولية، يجب أن يكبر حجم وعينا لما حولنا من مؤامرات... والآن هناك إصرار على استمرار القيد في أيدي المؤمنين في لبنان، لأن أخطر يد يخافها الاستعمار هي يد أبناء حزب الله، لذا يسعى إلى إبقاء أبناء هذا الحزب مكتوفي الأيدي، لا يستطيعون أن يوجهوا بنادقهم نحو ساحتها الحقيقية. ماذا يريد العالَم منا: إذا نزعنا ثوبنا الجهادي، فلا شك في أن العالم كلّه سوف يقبل علينا ويحترمنا، إذ ليست المشكلة مقتصرة على أن لحزب الله أو للمقاومة الإسلامية علاقة بإيران، المشكلة أن المقاومة الإسلامية قد حملت مبادئ الإسلام....

أسس الوحدة بين المسلمين:

من جملة الأسس التي وضعها الإمام الخميني لبناء الوحدة الإسلامية، إثارته لمسألة تحرير القدس، وتوجيه طاقات الأمة نحو العدو الإسرائيلي، وضرورة العمل على إزالة إسرائيل من الوجود... الإنسان المسلم يشعر بأن مسألة القدس تخصّه، ويسأل نفسه دائماً: كيف أستطيع أن أمارس عبادتي، وأن يتقبلها الله عزّ وجلّ مني وقبلتي الأولى أسيرة بيد الصهاينة!!. الإيمان أولاً وأخيراً: عندما لا تحكم الأسس الدينية والإنسانية هذا الشعب، تأكله العصبيات والنزاعات، ولذلك لا يمكن أن نتوقع خيراً لمجتمع من المجتمعات إلاّ في ظل الإيمان... وحتى لا نفرق كثيراً في فلسفة النزاعات والخلافات في لبنان... ونسأل: لماذا يتقاتل المسيحي مع المسيحي وكلاهما يدعيان الانتماء إلى الأرزة اللبنانية، ولماذا يتقاتل المسلم مع أخيه المسلم وكلاهما دعيان الانتماء إلى الأرزة اللبنانية عندما يرتفع (أي ينزع) الإيمان من القلوب والنفوس، ترتفع الرحمة والمودة بين الناس. مقتطفات من كلمات شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب (رضوان الله عليه) عندما نتحدث عن علي : عندما نتحدث عن علي فإننا نتحدث عن حركة إسلامية، عن فعل إسلامي مصوّب، نتحدّث عن حكم شرعي مطبق... نتحدّث عن الإسلام الذي أصبح حقيقة، الذي أصبح أنفاساً، والذي أصبح عملاً، وأصبح جهاداً.... أشكال فرعونية: فرعون الذي كان دوماً شخصاً واحداً... هو الآن في كثير من أنحاء الأرض نظام، لم يعد هناك رجل يقف ليقول أنا ربكم الأعلى، هناك نظام يقول أنا ربكم الأعلى، إذا أمرت فأطيعوا، وإذا نهيت فانتهوا، وإذا غضبت فاجزعوا... هناك أنظمة تتحرّك بهذا الاتجاه، وهي كثيرة وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا.... يا أشرف الناس: أمير المؤمنين ، هذا المنهج... هذا القائد... هذا الإمام، ماذا نتعلّم منه الآن نتعلّم منه أن نكمل زكاة قلوبنا وعقولنا بالإسلام، وأؤكّد أن نكمل، لأننا نحن حتى الآن أكثر أمم الأرض رقياً، وتحضراً، وزكاة، نحن الذين لا يزال السلام يفيض من جنباتنا، والأرض من حولنا تشتعل!!! لأن قلوبنا فيها زكاة الإسلام... ومطلوب أن تزداد عقولنا وقلوبنا زكاة... وسنقول للذين يخافون منا: أيها الأخوة، أيها المستضعفون من أي دين كانوا، هلموا إلينا، فلن يكون حولنا إلاّ السلام... وإذا كان يساقط منا على طريق الزكاة قتلى، رجال أطفال، ونساء، يموتون شهداء... فهؤلاء يمهدون الطريق... سنحيي بطفلنا المقتول أطفال الأرض، سنضمد بجرحنا النازف جروح الأرض، ستعم النعمى، وسيعم السلام بهذا الإسلام، وبنهج الإسلام، بذهنية أمير المؤمنين بالسير على هذا الخط المبين، سنعمر الأرض... ولن نعبأ بأية قوة في الأرض. نسيج الوحدة: الوحدة يجب أن تنسج، وأن تحاك على كل صعيد، وعلى كل مستوى... وحدة أهل البيت في موقفهم... ويجب أن تنعكس الوحدة مع الجيرة، ويجب أن تنعكس الوحدة في البلد، ويجب أن تنعكس الوحدة في المنطقة، ويجب أن نخرج من هذا كلّه وجهاً للجماعة.... عنفوان الإيمان: هؤلاء يتخيّلون أنه إذا اجتمعوا علينا من كل حدب وصوب سنرفع أيدينا ونستسلم، هذا الشيء الذي تريدونه انتهى، هذا حلم مات... الفترة التي كان فيها المؤمنون والمسلمون يرهبون الأساطيل انتهت إلى غير رجعة... قد أعطينا لله جماجمنا، وأخلصنا لرسول الله بيعتنا، وكانت يد الله فوق أيدينا، فلن نعود عن عهدنا لله وللإسلام... الذين يبعثون أساطيلهم ودباباتهم ليصدوا عن سبيل الله، لمثل الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ . نحن رأينا الإسلام بأعيننا، ورأينا الفجر... كم تستطيع (السوبر أتندار) أن تقتل منا.. ولكننا لن ننتهي... سنكون نحن أمر الله... سنكون نحن إرادة الله التي ستتحقق على الأرض، فإذا نالتهم أيدينا، سيأخذهم الله بها ويشفي صدور قوم مؤمنين. رغم كل الظلام الذي نرى حولنا، ورغم كل القوى التي تتربّص بنا فإن ثقتنا بالله وبوعد الله أعظم من أن تتزلزل، وثقتنا بنصر الله أعظمن أن تهد الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد


جمعية إحياء التراث المقاوم مركز آثار الشهداء