سيرة الشهداء » الشهيد حسن سامي مسلماني

الاسم الثلاثي: حسن سامي مسلماني.
الاسم الجهادي: علاء.
اسم الأم الثلاثي: فَرَجِيّة شحادة.
محل وتاريخ الولادة: الجبّين – 28/2/1982م.
الوضع الاجتماعي: متأهل وله طفل.
المستوى العلمي: مهني  كهرباء . 
مكان وتاريخ الاستشهاد: الجبّين – 9/8/2006م.

هو حسن ابن الأربعة والعشرين ربيعاً، وُلد في قريته الجُبَّيْن، من قضاء صور، في الثامن والعشرين من شباط عام 1982م، ريحانة أولى لأسرته المؤلّفة من والديه وإخوته الأربعة.
منذ تفتّحت عيناه على الحياة، ألفى والدته خادمة لعوائل الشهداء والفقراء، ووالده مجاهداً وخادماً لمسجد الإمام الكاظم  في قريته، فأنِس الجهاد كمن يأنس بحليب أمه، وصاحَب المسجد مذ كان طفلاً، ولكم أطلق ضحكاته الملائكية في حناياه، ممسكاً سبحةً بأصابعه الصغيرة، وساجداً على تربة فوق بساطه المخملي، وغافياً لكثرة ما لعب واختبأ في زواياه.
توجّه وعائلته إلى منطقة حي الجامعة اللبنانية في ضواحي بيروت، وهو لم يتم الأعوام الثلاثة بعد، وفيها عاش ونشأ.
تميّز منذ صغره بإحساسه العالي بالمسؤولية، فكان يساعد والدته في المنزل، ويذهب إلى الدكَّان ليشتري لها حاجياتها وهو ابن ثلاث سنوات. كما كان يهتم بإخوته، وإطعامهم، وشرابهم، وحل مشاكلهم بغياب والديه. 
ذكي هادئ، لا تناسبه ألعاب بني جيله، فهو كبير وهم صغار. جدي، جريء، يجالس أصدقاء والده، ويقوم بواجب ضيافتهم وخدمتهم، دون أن يسأله والده ذلك. محب للخصوصية، فلا يرضى لأحد أن يلمس أغراضه بلا إذنه، أما إن سأله، فليأخذ ما يشاء، بشرط أن يحافظ له عليها.
مسالمٌ، لا يؤذي أحداً، أبناء الجيران إخوته، يعاملهم بكل أدب، ولكن إن تكلّم واحد منهم كلاماً بذيئاً يخاصمه، ويترك صحبته، وحينما تسأله والدته عن سبب ذلك يجيبها:  هو يقول كلاماً بلا طعمة ، ويرفض أن يصالحه إلى أن       يغيّر سلوكه.
عندما يرى والدته تجمع الأغراض التي تريد توزيعها للمحتاجين، يسارع لمساعدتها، وحينما تخرج يلحق بها لتسمح له بالذهاب معها، فهو يريد أن يساعد الفقراء مثلها.
كان يشارك في تشييع الشهداء، وإذا كان أحدهم ابن الحي شارك في تغسيله وتكفينه، اللافت كان قوله للمغسّل وهو يساعده:طوّل الكفن للشهداء ولا تبخل عليهم  حتى أن المغسّل قال له مرة:أعدك أنني سأطيل لك الكفن!! .
بدأ مشواره العلمي مبكراً، ففي عمر الثلاث سنوات بدأ الشهيد دراسته في مدرسة النهضة، وتابع فيها وصولاً إلى الصف الرابع المتوسط، بعدها توجه إلى الدراسة المهنية، مختاراً معهد علي الأكبر ، الذي نال فيه شهادة البكالوريا الفنية BT3 في اختصاص الكهرباء. وطوال هذه السنوات كانت تشهد الصباحات على استيقاظه، واستعداده بمفرده، كي لا يُتعب والدته. والأزقة تشهد على سيره فيها حاملاً حقيبته على ظهره مهما ثقلت. أما صفحات كتبه فكم ذبلت وهو يقلّبها ويقلّبها ساعات وعيناه تقاومان النعاس، فالدرس أولوية، والنوم يأتي لاحقاً، وشهاداته التي نالها دليلٌ واضحٌ على اجتهاده، وكلام أساتذته وحبهم له كذلك.
كبر حسن، وأينعت غرسة والديه الطيبة في صدره، فقد بذرا في فؤاده          أخلاقاً لا تُزهر إلاّ ياسميناً. وهما الآن لا يأنسان بعبقها وحدهما، ففيض عطره يسحر الجميع.
زُفّ حسن عريساً في الرابع عشر من شباط عام 2003م، وصار للكل مع أبي علي السجاد – حسن – ذكريات: جيرانه، رفاقه، أهله، إخوته... جيرانه الذين كان يهب لمساعدتهم، ولو في منتصف الليالي، رفاقه المجاهدون الذين لم يكن يتقاضى منهم أجراً لما يصلحه لهم من أعطال كهربائية مهما كان تعبه، والابن كان أحياناً يشتري لهم البضاعة ويقوم بالتصليح لهم. دونما مقابل؛ فالكل كانوا مدينين للشاب وليس العكس. أهله الذين لم ينقطع عن زيارتهم يوماً، الذين كان يسهر على راحتهم، إخوته الذين كان نِعم الأخِ والصديق لهم، وخصوصاً أخاه علي، الذي هو توأم روحه في كل أيامه. 
ولزوجته كان حسن المحب الحنون، المعين لها في أمور دينها ودنياها، فقد كان  يأخذ ولده معه إلى ثانوية الإمام الحسن ، حيث كان يعمل في صيانة الكهرباء، لتذهب زوجته بدورها إلى المعهد، حيث تَدرُس دون شكوى أو كلل. كان كريماً، وصاحب أخلاق عالية معها، يمرض لمرضها، ويفرح لفرحها، يوصيها دائماً بزيارة أهلها وتفقّد أحوالهم.
أما ابنه علي السجّاد فحكاياه معه لا تنتهي، هو لم يكن أباً عادياً، فحبه له لا يوصف بكلمات، وخوفه عليه ليس له نهاية. لم تسع السعادة قلبه حينما رآه يخطو خطواته الأولى، يحمله على كتفيه ويجول به في أنحاء المدرسة، يعرّف الجميع عليه قائلاً بابتسامة عريضة:  هذا هو ابني، إنه قمر، إنه قوي . كان يحرص ألاّ يغيب عن ناظريه ولو لثانية واحدة، إلاّ في ذلك اليوم، حيث أُسر الجنديان، وجاءه التكليف بضرورة الالتحاق فوراً بمكان عمله، فترك ولده أمانة عند المديرة، ومشى دون أن يلتفت إليه وهو يلاحقه بنظراته، والسؤال في مقلتيه:  لماذا تتركني هنا يا أبي؟ .
يمّم وجهه شطر الجنوب، فالواجب يناديه، وعند الواجب لا مكان إلاّ للفداء كما علّمه حبيبه الحسين ، وهو كما كان في الماضي يصنع بيديه التصاميم العاشورائية الخاصة بشهر محرم، لقاعة أبي عبد الله ، ويهديه عمله، يرى أن الوقت الآن أيضاً وقت هدايا له، ولكنها هدايا حمراء قانية. 
هجر كل الأحبة ما عدا والده وأخاه علي، إذ التحقوا جميعاً بمراكزهم في الجبّين، في حرب تموز عام 2006م، وفي الأيام العشرة الأخيرة من الحرب، شاء الله أن يجتمع حسن ووالده رفيقا جهاد في خط النار نفسه، بينما كان علي يبعد عنهما بضع أمتار. وفي التاسع من آب عام 2006م، وخلال اشتباك مع العدو، أصيب الشهيد حسن، إلاّ أنه طلب من والده أن يتركه عندما جاء الأمر بالانسحاب، قائلاً له:  لم يعد هناك من مجال، عليك أن تنسحب من النقطة الآن، وانتبه لنفسك ، كانت تلك آخر الكلمات، وبعدها سلّم روحه لبارئها في حضن أبيه.
وعند وقف إطلاق النار، عاد الوالد إلى مكان استشهاده لأخذ الجثمان، وخلال المسير وجد ابنه الثاني علياً مضرّجاً بدمائه، محافظاً على عهده لأخيه حسن ألاّ يفترقا.ألبس الوالد ولديه كفنين  بلاستيكيين  بيديه، وحملهما إلى الإسعاف، وبعد تجهيزهما شيّع حسن وأخوه إلى روضة الشهيدين، وووريا في ثراها، في السادس عشر من آب عام 2006م، على وقع صوت الأرض المشتاقة لمعانقتهما: اخلعوا نعالكم، فهنا يسكن قلب ابن المسجد إلى جوار أخيه، في المكان الذي غدا مسجداً لكل أحرار العالم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد


جمعية إحياء التراث المقاوم مركز آثار الشهداء